الاِسْتِنْسَاخُ البَشَرِيُّ
******
كتبه
: أبو هيثم فخري
Di Tulis Oleh Abu Haitsam Fakhry
عناصر الموضوع :
1- صفة الاستنساخ
2- الكتب العلمية
المؤلفة فيه وتجاهاتها :
أ. الاتجاه العلمي
ب. الاتجاه الأخلاقي
ج. الاتجاه الفقهي
3- كلام العلماء
المتقدمين في إمكانية حصول التناسل عن غير طريق الجماع
4- حكمه شرعا.
بسم
الله الرحمن الرحيم
صفة
الاستنساخ
إن الاستنساخ في تكاثر الأحياء ، وفي شكله العام والواسع ،
وقبل شكله الجديد الذي تم باستنساخ الشاة « دوللي » معروف من قديم ، وأن ليس تكاثر
الأحياء ، كل الأحياء ، بتوليد نُسَخ منها ، مشابهة لها ، إلا من أشكال الاستنساخ
.
وإن كلمة الاستنساخ هي ترجمة لكلمة cloning الإنكيزية ، والتي اشتُقّت من الكلمة
الإغريقية klon
التي تعني « الغُصَيْن » أو « الأملود » . فهي تدل في الأصل على إنسال النبات
كشجرة الورد مثلا بقطع فرعه منه ثم استنباته ،
فيرسل جدورا تمتد في الأرض ، ويُعطي نباتا مماثلا لنبتة المورد الأصلية .
وهكذا فإن الاستنساخ كان بهذا المعنى ، ولكن
الاستنساخ في صورته الجديدة التي نتكلم عليها ؛ أي ذلك الاستنساخ
الذي تم بولادة « دوللي » هو شيء مختلف عن ذلك تماما ([1]).
فاصطلاح الاستنساخ يدل اليوم على إنتاج كائن حيّ متطابق «
متماثل » جينيا مع كائن حي آخر ([2]).
وعرفه د. كارم غنيم ، بأنه : « عبارة عن
عملية لا جنسية لتكثير كائنات متطابقة وراثيا » .
وقال : " وفيه يستخدم العلماء ما هو
موجود أصلا ، يعني : أنها عملية تكاثر شيء موجود فعلا ، فلا خلْق فيها كما
يتوهم بعض العامة . والاستنساخ هو أيضا « حمل لا جنسي » ويعتبر بداية « الثورة
اللاجنسية » . الاستنساخ تقنية تكاثرية يتم فيها أخذ « خلية جسدية » من حيوان بالغ ، واستخلاص نواتها وتهييئة الظروف
المناسبة مع حثها على الانقسام والنمو والتشكل لانتاج كائن حي مطابق لأصل
ذلك الحيوان البالغ "([3]).
فالاستنساخ في حقيقته ، هو عملية تحدث على مختلف المستويات ،
وفي جميع الأحياء . وأوّل شكلٍ للاستنساخ وعلى أصغر حجم مستوًى وأكثرِه أهميةً
وخطراً ، هو : ما يحدث على مستوى أدق وأصغر من مستوى الخلية الإنسانية ([4]).
كيف يتم الاستنساخ ؟
إن تقنية هذه العملية ببساطة متناهية ، هي : نزع نواة بويضة
غير ملقحة وغرس نواة خلية جسدية ، فتقوم هذه النواة بتنفيذ برنامجها الوراثي كاملا
ومفصلا ، فالجينات تنسخ نفسها في البداية ، ثم تنشطر بالانقسام ، وتصنع البروتين
بعملية تدعى الترجمة ، حيث تقرأ بالطريقة نفسها التي يقرأ بها شريط التسجيل بوساطة
رأس المسجل ، وعند ما تصل رامزة التوقف نهاية السلسلة فإن ذلك يعني نهاية تركيب
جزئي البروتين ، وهكذا التكاثر وتنمو الأنسجة في جميع الجسم ، وتنفذ بدقة متناهية
( درجة صلابة الخلية – العظام – ودرجة ليونتها – وأحجامها – أنسجة القلب – حجمها
كذا – وكل نسيج كما هو مخطط له من عمل ) فإذا انتهى البرنامج المكتوب توقف النمو .
أما إذا شذت خلية واحدة عن هذا البرنامج من بين مائة تريليون
خلية – نعم ، إن شذوذ واحدة منها فقط حيث لا تسير حسب برنمجها المقرر ، وتظل النمو
عشوائيا – فإن هذه الخلية عندئذ خلية سرطانية ([5]).
أنواع الاستنساخ :
يتنوع الاستنساخ باختلاف مجالاته
وميادينه ، فهناك الاستنساخ النباتي والحيواني والبشري . فالاستنساخ النباتي :
هو الواقع في عالم النبات . والاستنساخ
الحيواني : هو الواقع في عالم الحيوانات . والاستنساخ
البشري : وهو الذي يتوقع حصوله ، أو يلوح بحصوله في عالم البشر . وقد شكك العديد
من العلماء في مجال البيولوجيا والهندسة الوراثية في إمكان وقوعه ونجاحه .
والاستنساخ بحسب طرقه يتنوع إلى
نوعين :
النوع الأول : الاستنساخ الجسدي (أي
الاستنساخ الحيوي أو الاستنساخ النووي).
هو الاستنساخ العادي الذي لا يعتمد على الخلايا الجنسية ،
وإنما يكون بوضع الحقيبة الوراثية الكاملة على شكل نواة خلية جسدية داخل غلاف
بييضة منزوعة النواة . وتتكاثر الخلية الناتجة إلى جنين هو نسخة إرثية تكاد تكون
طبق الأصل من صاحب الخلية الجسدية ([6]):
أي يولد المولود نسخة مطابقة لهذا الفرد ، وكأنه نسخة كربونية لإحدى صفحات الكتابة
أو صورة فوتوكوبيا منها .
والسبب في ظهور المولود هكذا نسخة مطابقة لمانح الخلية الجسدية
هو احتواء هذه الخلية للعدد الصبغي المضاعف : أي احتواؤها لكامل البنية أو الهيئة
أو الطاقم الوراثي ، وبالتالي لا حاجة إلى أخذ مادة وراثية أخرى من خلية أخرى ([7]).
ونستغني في هذا النوع عن الحيوانات المنوية للرجل . وذلك بأن
نأخذ خلية من ثدي الزوجة ، ونلقها بها بويضة
منها هي أيضا ، ونضعها في الرحم ، لكي تنجب أنثى مشابهة لها تماما .
وإذا كانت الزوجة تريد ذكرا فيمكن أن نأخذ خلية من زوجها ،
ونلقح بها البويضة ، فيأتي الجنين ذكرا مشابها تماما للأب ([8]).
الفرق بين الاستنساخ والتزاوج ( التكاثر الجنسي ) .
كما سبق أن الاستنساخ في اصطلاح اليوم يدل على إنتاج كائن حيّ
متطابق « متماثل » جينيا مع كائن حي آخر . وأما التزاوج أو التكاثر الجنسي فهو يتم
بإنتاج كائن حيّ يأخذ نصف صفاته الوراثية من أبيه ، ومثلها من أمه ([10]).
المقارنة :
بين طفل الأنبوب والتزاوج (التكاثر الجنسي) وبين الاستنساخ
|
طفل الأنبوب والتزاوج |
|
الاستنساخ |
1- |
يتم
باندماج بويضة أنثوية (2/1 عدد الكروموسامات) مع حيوان منوي ذكري (2/1 عدد
الكروموسامات) ولكن خارج الرحم . |
1- |
يتم
باندماج أنثوية مفرغة النواة (الكروموسومات = صفر) مع نواة خلية (عدد
الكروموسامات كاملا) خارج الرحم أيضا . |
2- |
يأتي بطاقمين من الجينيات يبلغ عدد الجينات في كل منهما
15000 ألف جين ، من كل أب وأم من خلال نطفتيهما ، لتشكيل النطفة الأمشاج (البويضة المخصبة) التي تحتوي على العدد النهائي والإجمالي لكل خلية جسدية بشرية
وهو 30 ألف جين تقريبا |
2- |
يحصل فيه على طاقم للوليد الناتج يحمل 30 ألف جين تقريبا
من أحد الزوجين ، ولكنه يحمل العدد (صفر) من الجينات من الزوج الآخر. وهذا هو منشأ خطورة هذا النوع من الاستنساخ ؛ لأنه تلاعب
وتغيير في خلق الله بأعظم ما يكون. |
2- |
تكاثر
جنسي (بويضة + حيوان منوي ذكري) |
2- |
تكثر
عذري (لا جنسي) ؛ لأن نواة الخلية العادية حلت محل الحيوان المنوي الذكري
ومكان نواة البويضة. |
3- |
يشارك
الأب والأم في الصفات الوراثية |
3- |
صاحبة
نواة الخلية هي الوحيدة التي فرضت الصفات الوراثية من طرف واحد([11]). |
ملاحظة : لا يتم الاستنساخ إلا من نفس الجنس ؛ وذلك لاختلاف عدد الكروموسومات مثلا : عدد الكروموسومات في الخراف 36 كروموسوما ، وفي الإنسان 46 كروموسوما ([12]).
قال د. إبراهيم الكيلاني : " لا بد من التفريق بين معالجة
العقم عن طريق طفل الأنابيب التي أجازها العلماء ، وبين معالجته عن طريق الاستنساخ
.
فمعالجة العقم عن طريق طفل الأنابيب هو محاكاة لسنة الله في
خلق الجنين مع فارق ، وهو حصول تلقيح بويضة الزوجة بماء زوجها عن طريق الأنبوب ،
ويكون الطفل حاملا لخصائص أمه وأبيه (23 كروموسوما من الأم + 23 كروموسوما من
الأب ، والمجموع 46) .
أما الاستنساخ فلا يحمل الطفل خصائص أبيه
46 ، وأمه كروموسوما . والذي نسخ عنه ، وتلغي فيه خصائص أبيه أو أمه التي
تصبح آلة تفقيس لا ينتسب إليها طفلها بأية خصوصية "([13]).
النوع الثاني : الاستنساخ الجنسي أو
الجنيني :
وهو استخدام حيوان منوي وبويضة لتكوين النطفة . وكل منهما يحمل
نصف عدد الكروموسومات ؛ كي يكتمل العدد في النطفة المخصبة . ثم عمل عدة نسخ من هذه
النطفة ، بحيث تكون عدة أجنة يتم وضعها في رحم أم أخرى أو أكثر من أم ؛ لتتم عملية
الولادة لعدة نسخ من هذه النطفة الأولية . ([14]).
ومن قبيل ذلك : الاستنساخ بالتشطير ، وهو تشطير بويضة مخصبة في
مرحلة تنسيق تمايز الأنسجة والأعضاء لتوليد توأمين متماثلين ويكون الجنين بهذا
حاملا لصفات الأب والأم معا([15])
.
فتعريف الاستنساخ الشامل لهذين النوعين ، هو : توليد كائن حي –
أو أكثر – إما بنقل النواة من خلية جسدية إلى بييضة منزوعة النواة ، وإما بتشطير
بييضة مخصَّبة في مرحلة تسبق تمايز الأنسجة والأعضاء ([16]).
الكتب العلمية المؤلفة فيه واتجاهتها
أ- الاتجاه العلمي
1-
Chakrabarty , A (1985)
, Genetic Engineering Fith. Ed. CRC. Press.
2- Gasser , C. and Fraley , R.
(1992) , Transgenic Crops. Scientific American , June
3-
Larsen , W. (1993) .
Human Embryology. Churchill
4-
Lewin , B. (1990)
Genes IV . Oxford Cell press
5-
Verna, I. (1990). Gene
Therpy , Scientific American. Nov 68-84.
6-
Waddington , C. (1956)
. Principles of Embryology.
7-
F.A.E Grew : Geneties
in Relation to clinical medical ( London )
8-Sheldonc Reed : Counceling in
medical genetics ( Londo )
9-
الاستنساخ قنبلة العصر للدكتور صبري الدمرداش .
10-
الاستنساخ ليس ابتكارا جديدا لأحمد محمد عوف ( العلم عدد 248 مايو 1997م )
11-
فك شفرة الجينوم البشري ليروى هود ( ترجمة د. أحمد مستجير ) .
12-
حكاية الاستنساخ لعبد الباسط الجمل ( سلسلة العلم والحياة 1998 م ، القاهرة ).
13-
الاستنساخ البشري بين الحقيقة والوهم لماهر أحمد الصوفي .
ب- الاتجاه الأخلاقي
1-
الاستنساخ البشري بين القرآن والعلم الحديث للدكتور توفيق علوان .
2-
الاستنساخ بين العلم والدين للدكتور عبد الهادي مصباح .
3-
التنبؤ العلمي ومستقبل الإنسان للدكتور عبد المحسن صالح .
4-
الاستنساخ والإسلام للدكتور معين القدومي .
5-
الاستنساخ والإنجاب بين تجريب العلماء وتشريع السماء للدكتور كارم السيد غنيم .
6-
الاستنساخ حقائق علمية وفتاوى شرعية لجمال نادر .
7-
الاستنساخ جدل العلم والدين والأخلاق لعدد من الكُتَّاب والباحثين .
8-
الاستنساخ بين الإسلام والمسيحية ( أبحاث ومقابلات لكبار رجال الدين والمفكرين
الباحثين من مختلف الأديان والمذاهب ) إعداد مركز الدراسات والأبحاث الإسلامية
المسيحية .
9-
الاستنساخ بين العلم والفقه للدكتور داود السعدي .
10
بين جنون البقر واستنساخ البشر للأستاذ الدكتور السيد وجيه .
11-
العصر الجديد للطب من جراحة الجينات إلى الاستنساخ الإنساني للدكتور خالص جلبي .
12-
العلاج الجيني واستنساخ الأعضاء البشرية للدكتور عبد الهادي مصباح .
13-
ما بعد الاستنساخ للدكتور عبد الباسط الجمل .
14-
الاستنساخ في ضوء الأصول والقواعد والمقاصد الشرعية للدكتور نور الدين مختار
الخادمي .
الندوات
والمؤتمرات والقرارات والتوصيات :
3- قرار مجلس مجمع الفقه الإسلامي بجدة عدد (10) مجلد (3)
1418 هـ / 1997 م .
4- توصيات الندوة الفقهية الطبية التاسعة في الدار البيضاء
1418 هـ ( مجلة المجمع 10/3/425).
5- ندوة الاستنساخ الحيوي ( القاهرة – جمعية الإعجاز العلمي
– 1997 م ).
6- ندوة التكنولوجيا الحيوية ( القاهرة – وزارة البحث
العلمي – 1997 م ).
7- ندوة الاستنساخ البشري ( الكويت ، جامعة الكويت – 1997 م
) .
8- ندوة استثمار التكنولوجيا الحيوية ( القاهرة – وزارة
البحث العلمي – 1998 م ).
9- ندوة الاستنساخ الحيوي ( القاهرة – معرض القاهرة الدولي
للكتاب – 1998 م ).
10 المؤتمر الدولي للتقنيات الوراثية ( القاهرة – جامعة عين
شمس – 1998 م ).
كلام
الفقهاء المتقدمي
في إمكانية حصول التناسل عن غير طريق الجماع
إن استمرار الحياة البشرية قد تم في تاريخ الكون بطريقة واحدة
: أن تلقح بييضة الأنثى بالحيوان المنوي داخل الرحم ، فتنشأ الخلية الأولى التي
حسب قوانين الخلق حتى تبلغ إنسانا سويا قادرا على التأقلم مع الأرض ومحيطها .
ولم يشذ عن سنة الخلق هذه إلا آدم u ، فقد خلق بأمر التكوين من غير أب ولا
أم ، وحواء زوجه التي خلقت كأول أنثى من آدم . وعيسى u الذي ولدته أمه وليس له أب ؛ إعلان من
القدرة الإلهية للإنسان بأن التوالد على سنة الاتصال الجنسي ليس أمرا يقضي به
العقل ، ولكنه أمر نُظِّم عليه الكون ، مما يعبر عنه بالقوانين الطبيعية .
والقوانين الطبيعة تُخرَق ، وأما القوانين العقلية فهي ثابتة مستمرة لا يحلقها ولا
استثناء متى كانت صحيحة ([17]).
روى الثعلبي في العرائس([18])
عن وهب قال : إن مريم لما حملت بعيسى u
وكان معها ابن عم لها ، يقال له : يوسف النجار
.. فقال لها : أخبريني يا مريم ! هل ينبت زرع بغير بذر ، وهل تنبت شجرة من غير غيث
، وهل يكون ولد من غير ذكر ؟ قالت : نعم ، ألم تعلم أن الله أنبت الزرع يوم خلقه
من غير بذر ، وهذا البذر إنما حصل من الزرع الذي أنبته من غير بذر ؟ ألم تعلم أن الله
تعالى أنبت الشجرة من غير غيث وبالقدرة جعل الغيث حياة الشجر بعد ما خلق كل واحد
منهما على حدة ، أو تقول : إن الله تعالى لا يقدر على أن ينبت الشجرة حتى استعان
بالماء ، ولولا ذلك لم يقدر على إنباتها ؟.
وعند العرب في الجاهلية نظم امرؤ القيس قصيدة تعرَّض فيها لفكرة
الهندسة الوراثية . وبعد ظهور الإسلام وقيام الحضارة الإسلامية التي دامت سبعة
قرون وأنجبت عباقرة عظام وعلماء كبار بكل
المقاييس العالمية ، كان في الحقبة الأخيرة لهذه الحضارة العالمية الطبيب « ابن
النفيس »([19]) ،
وقد تَحدَّث في مؤلفاته مثل : « فاضل بن ناطق » و « الرسالة الكاملية في السيرة
النبوية » عن علم التنبؤ المستقبلي لمصير البشرية ، وأشار إلى احتمال التكاثر بدون
اتصال الجنسي ( أي : الفصل بين الإنجاب وممارسة الجنس ) .. ومن المعروف عن ابن
النفيس أنه مكتشف الدورة الدموية التي نُسبت زورا إلى هارفي . وكان رحمه الله لا
يقبل رأيا في مجال الطب أو مجال الفقه ، إلا بعد تمحيصه حتى أنه خالف شيوخه في
الطب ، مثل ابن سينا في بعض المسائل ([20]).
وقال : " أنا نشاهد حدوث كثير من الحيوانات على سبيل
التولد : كتولد الفأر عن المدر ، والحيات عن الشعر ، والعقارب عن الباذروج . وإذا
كان كذلك فتولد الولد لا عن الأب أولى أن لا يكون ممتنعا ".
وذكر الرازي أيضا في كتابه « المطالب العالية من العلم الإلهي
»([22])
: أن الفلاسفة جوزوا حدوث إنسان بالتولد لا بالتوالد . وقرروا ذلك بأن قالوا :
البدن الإنساني إنما تولد من مقادير مخصوصة من العناصر الأربعة . فتلك المقادير
اختلطت وامتزجت في مدة معلومة ، فحصل بسبب ذلك الامتزاج كيفية مزاجية معتدلة .
وإذا تم حدوث البدن بهذا الطريق وجب حدوث النفس المتعلقة بتدبيره ، وحينئذ يتم
تكون الإنسان ... .
وكما أن الفيلسوف العربي المسلم «
الفارابي »([23])
أشار إلى الاستنساخ في « مدينته الفاضلة » حين ذكر : أن هناك
حراسا متشابهين ومتناظرين ، ويمثلون أشخاصا عديدة من شخص واحد .
وفي حكاية « ألف ليلة وليلة » إشارات إلى الاستنساخ ، ولكن في
صورة استدعاء للأرواح .
ومنذ ستة قرون تقريبا كتب العالم الشيخ عبد الرحمن الجامي([24])
قصة « سلامان وأبسال » تحدَّث فيها عن ملك تم أخذ نطفة منه بدون شهوة ثم تنميتها
في مكان ما حتى كبرت في شكل ابن وريث لهذا الملك ([25]).
ومما يمكن أن يعد من قبيل الاستنساخ من جهة المخالفة الجزئية
للنمط المعهود في التناسل ما نص عليه الفقهاء : كأن يحصل اللقاح بين فحول الضباء
وإناث الغنم ، أو العكس مباشرة أو بواسطة . فقد تكلم الفقهاء ، وهو يبينون زكاة
النعم ، فقالوا : " النعم التي تجب فيها الزكاة ، هي : الإبل والبقر والغنم .
ولا تجب فيما تولد منها ومن وحش : كما لو ضربت فحول الضباء إناث الغنم أو العكس
مباشرة . أما بواسطة فإنه يجب فيها الزكاة "([26]).
حكم
الاستنساخ البشري شرعا
كما أثار موضوع الاستنساخ زلزالا في
الأوساط العلمية ، فقد أثار زلزالا أكثر قوة واهتزازا في الأوساط الدينية في مختلف
العقائد والأديان([27])
. وكما أثار اضطرابا في تحديد الموقف الذي ينبغي أن يقفه العالم من هذه التجربة .
وانقسمت العلماء الطبيعيون والاجتماعيون والسياسيون والفقهاء إلى مؤيدين ومعارضين ([28]) .
فصدرت فتوى : بأن
الذين يقومون بهذه التجارب مفسدون في الأرض ، يجب أن تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف
، هذا أدنى عقوبة لهم ، وإلا فيجب إعدامهم ([29]).
وأعلن بابا الفاتيكان
( البابا يوحنا ) من رجال الدين المسيحي استنكاره لهذه التجارب ، ورفض تطبيقها على
الإنسان نهائيا ، باعتبارها تدخل في إرادة الله ، ولم يكن البابا شنودة أقل اعتراضا
منه من حيث المبدأ ، حيث أعلن أنه ليس ضد العالم والتقدم العلمي ، ولكن ما يمس
الإرادة الإلهية مرفوض ([30]).
وقد سبق البرلمان
النرويجي بمجرد ما تم الإعلان عن بلوغ « دوللي » شهرها السابع فأصدر قانونا وافق
عليه 88 نائبا من مجموع تسعين ، يمنع منعا باتا إجاء التجارب أو القيام باستنساخ
الإنسان أو أحد أعضائه الرفيعة التطور .
وكذلك
رئيس الجمهورية الفرنسية فقد دعا في نفس اليوم المجلس الاستشاري القومي للأخلاق
، وأعلنوا بعد درس الموضوع : أنه يعتقد أن الاستنساخ البشري هو تَعَدٍّ مهين
للكرامة الإنسانية ، وإنه لا بد من العلم على منع القيام به على النطاق العالمي ([31]).
الحكم الشرعي في الاستنساخ البشري :
قد اختلف مواقف الباحثين المعاصرين من المسلمين في هذا : فمنهم
من تردد في الحكم عليه وتوقف إلى أن يتضح الأمر ؛ لأن البحوث لم تستكمل بعد .
ومنهم من جزم بتحريمه . وهناك أيضا من أجازه ، وأيد لهذا الموضوع([32])
.
وقد أوصت ندوة
الإنجاب في ضوء الإسلام بعدم التسرع في إبداء الرأي الشرعي في قضايا الاستنساخ
بالنسبة للإنسان على نحو ما أدت إليه التجارب في مجال الحيوان مع الدعوة إلى
مواصلة دراسة هذه القضايا طبيا وشرعيا ([33]).
ويرى د. أحمد شرف
الدين : أنه ليس بمقدور أي باحث أن يفتي في هذه المرحلة المبدئية للبحث بحكم شرعي
مقنع ، فلا يكفي مجرد الإشارة إلى قواعد عامة مجردة ، فالأمر ليس بهذه البساطة ،
بل إن الوصول إلى نتائج محدودة ومخصصة يقتضي من جانب آخر الانقطاع على كتب الفقه
الإسلامي ذات الطابع الموسوعي للبحث عن كنوزها عن الجزئيات ذات الصلة بالبحث ([34]).
1 – القائلون بالتردد والتوقف .
أبدى بعض الفقهاء المعاصرين رأيهم في هذه المسألة على تقدير :
أنها تقع .. وقالوا : بحرمة وحظر الاستنساخ البشري ، ولكن مع الاحتراز والتردد ([35]).
يقول د. أحمد شرف الدين : " وإذا كان بحثنا المبدئي هذا
لمشاكل تكنولوجيا التكاثر قد أعطى انطباعا بأن أساليبها محرمة في الشرع لاصطدامها
ببعض أصوله ، إلا أنه من المحتمل أن يظهر بعد بحث متأن ومتعمق لمكنون هذه الأساليب
وآثارها ، وأن بعضها يحقق مصالح يمكن رعايتها متى قيد استخدامها بشروط تكفل عدم
تعارضها مع النصوص قطعية الدلالة "([36]).
ويقول محمد علي التسخيري : " لسنا نريد أن نصدر حكما
قاطعا بهذا الشأن ، بقدر ما نريد أن نؤكد على ضرورة عدم التسرع في الحكم ونقله من
صفحات الجرائد إلى معاهد البحث العلمي ، وتلخيصه من الأجواء الحماسية والعاطفية
والغوغائية ، ونقله إلى حيث البحث العلمي النزيه "([37]).
ويقول د. عبد الستار أبو غدة : " ... ومن هذا يظهر أن
الاستنساخ في مجال الإنسان هو من موطن الحظر وأن ما يبذل في سبيل ذلك من جهود هي
كذلك إلا بالقدر الذي تتطلبه أغراض العلاج والتداوي "([38]).
ويقول
الشيخ محمد المختار السلامي : " ... ولما كانت البحوث لم تستكمل بعد وأن
التداخل في ميدان دقيق كهذا أو انزلاق الإبرة المكروسكوبية غير مأمون فإن الذي
أطمئن إليه أن لا نتعجل ولا تحكم على الشيء قبل تصوره في ذاته وتصور السلاسل
المترتبة عن ولوج هذا النوع من التأثير والله أعلم "([39]).
وهذا التردد منقول
أيضا عن د. الطيب سلامة ([40]).
ويقول الشيخ محمد تقي
الدين في مناقشة مجلس المجمع الفقهي : " إن هذا الموضوع لا ينضج بعد ... وقد
كان السلف يقولون : « لا تعجلوا بالبلاء قبل نزوله » ... وما لا يتضح لنا الصورة
الحقيقة لهذه العملية ونتائجها فإنه لا يجدر بهذا المجمع أن يتخذ قرارا حاسما في
الأحكام الشرعية المتعلقة بهذا الموضوع . فالذي أراه ألا نستعجل في اتخاذ فتوى أو
قرار في هذا الموضوع "([41]).
2- القائلون بتحريم الاستنساخ .
قال بهذا : د. محمد سيد طنطاوي ([42])
، ود. نصر فريد واصل ([43])،
والشيخ محمد بن عثيمين ، ود. محمود السرطاوي ، ود. محمد علي المرصفي ، والشيخ عبد
القديم زلوم ، ومنور أنيس ، ود. عجيل النشمي ، ود. علي المحمدي ، ود. يوسف القرضاوي
، والشيخ محمد مهدي شمس الدين ([44])
، ود. حسن علي الشاذلي([45]) ،
ود. عبد المعطي بيومي أستاذ بجامعة الأزهر ([46]).
قال الدكتور محمد سيد الطنطاوي : " إن الإسلام ليس بضد
العلم ، ولكن خروج إنسان من غير امتزاج ماء الرجل بماء الأنثى حرام "([47]).
وقال د. نصر فريد واصل : " إننا لسنا ضد العلم والعلماء
.. طالما أنها تجربة عملية تحمل الضرر فإنها يجب أن تمنع .."([48]).
وقال د. نور الدين الخادمي : " أجمع الكل([49])
على وجوب منعه وإيقافه واتخاذ التدابير والقوانين اللازمة والرادعة والنافذة حتى
ندرأ أخطاره ومهالكه على صعيد كافة الأديان والقوانين والقيم الإنسانية والسنن
الكونية وكيان الأسرة والمجتمع وحرمة الإنسان ومكانته ([50]).
3- القائلون بجواز الاستنساخ والمؤيدون
لهذا الموضوع :
قد أشار د. نور الدين الخادمي إلى من قال بجواز الاستنساخ
البشري ، وهو قلة قليلة من الشواذ الذين لا يعتد بخلافهم ولا يلتفت إلا شذوذهم([51])
. كما أشار آية الله محمد التسخيري([52])
إلى انقسام الفقهاء إلى مؤيدين ومعارضين لهذا الموضوع . وأشار إلى ذلك
أيضا د. حسن علي الشاذلي([53]).
الأدلة :
وجهات نظر أصحاب القول بالتردد والتوقف
:
1-
أن كل حدث جديد وخصوصا إذا كان يتصل بمسألة حياتية كهذه مما يغير مجرى الحياة
البشرية لا بد أن يثير أجواء عاطفية ويغرق الأفكار في افتراضات وتخمينات بعضها
رائع وبعضها مرعب ولكل بعض يتكون أنصار ومؤيدون . وفي هذه الأجواء ربما لا يستطيع
الباحث أن يدرس الموضوع بكل موضوعية وتجرد ، وإنما يجنح مع هذا الفريق أو ذاك دون
أن يشعر . ولذا فمن البعيد التوصل إلى رأي اجتماعي أو علمي أو فقهي موضوعي في هذه
المرحلة .
2-
أن الأبحاث العلمية لا يمكن منعها والوقوف بوجهها خصوصا إذا كانت بهذا المستوى من
التأثير الواسع . وإذا كانت تطل على عالم مجهول لتفتح مغاليقه ومجاهيله ؛ فيجب التأمل
كثيرا قبل إصدار الأحكام المطلقة ، ويجب أن نضع في الحسبان تلك الحالات التي
سنواجهها شئنا أم أبينا .
3-
قد نجد بعض الافتراضات نتاجا للخيال القصصي المجنح مما يؤثر سلبيا على سلامة
الدراسة ، كما أن بعض الافتراضات تحذر من أنماط الاستغلال السيء . الأمر الذي يدفع
الفقهاء والشرعيين للتحريم المطلق سدّا للذرائع ، وقد مررنا من قبل بموضوع التلقيح
الصناعي والافتراضات التي طرحت حوله ثم استسلم الفقهاء للأمر الواقع وراحوا يدرسون
كل حالة على حدة بمنأى عن الضجيج والافتراضات ، وما زال البحث فيه غير ناضج كما
نعتقد .
4-
إن المنهج الصحيح هو دراسة نفس الحالة أولاً ومدى انطباق العناوين المحللة أو
المحرمة عليها ثم محاولة معرفة النتائج المتوقعة والعوارض الناتجة لمعرفتها من
خلال أحكامها المعروفة . وقد تتشابك النتائج الحسنة والسيئة منها ، مما يدعو إلى
التأمل وملاحظة الأغلبية الساحقة في البين .
5-
يجب أن نعترف بأن الأخصائيين الطبيعيين لهم الحق وحدهم في تقرير الآثار العلمية
المخربة أو الإيجابية لهذا الأسلوب ، ولا نستطيع نحن أن نقرر شيئا إلا بعد
انتهائهم من بحوثهم . نعم ، إذا انتهى هؤلاء إلى نتائج ، ولو كانت شبه قطعية
أمكننا أن نلاحظ مدى انسجام هذه الآثار مع معتقداتنا ومع قيمنا ومع مبادئنا
الإسلامية ونظريتنا السياسية والاجتماعية وتخطيطنا للحياة .
6-
إن الاستنساخ البشري حتى الآن ليس إلا نظرية وخيالا ولم يأت إلى حيّز الوجود ، وقد
كان السلف رحمهم الله يقولون : " لا تعجلوا بالبلاء قبل نزوله " ، وخاصة
في حين أن النتائج الحسية أو السيئة للاستنساخ البشري لم تظهر لنا بعد .
ومن
هنا فلا ينبغي التسرع في الحكم ما دامت النتائج العلمية غير قطعية ([54]).
وقد استدل القائلون
بحرمة الاستنساخ البشري بما يلي :
1-
قوله تعالى : ]
إنا خلقنا الإنسان من نطفة أمشاج [
[
الإنسان : 2 ] .
وجه
الدلالة : أن النطفة الأمشاج : هي لقيحة من حيوان منوي ذكري وبييضة أنثوية ، والله
تعالى يبين : أن سنته في إيجاد الإنسان بطريقة أخرى خرجت الآية عن كونها خبرا إلى
أنها بيان لحكم شرعي كما في قوله تعالى : ] ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا [
[
النساء : 141 ]([55]).
2-
قوله تعالى : ]
ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في
ذلك لآيات لقوم يتفكرون [
[
الروم : 21 ] .
وجه الدلالة : أن الزواج هو أساس التكاثر في الشرع ، وهو
سبيل إيجاد المودة والرحمة ، وفي الاستنساخ مساس بالعلاقة المتينة التي أوجدها
الله في الزواج ليكون من آثاره خصول الأولاد وانتسابهم([56]).
3- قول تعالى : ] فوسوس إليه
الشيطانُ قال يا آدم هل أدلُّك على شجرة الخلد ومُلْكٍ لا يبلى [ [ طه : 120 ]
وجه
الدلالة : أن النسخ يصطدم بفكرة الموت ، وهو سبيل الخلود عند الباحثين عنه ،
والخلود من الأفكار الشيطانية ، وكل سبيل إليه كذلك ([57]).
4-
قوله تعالى : ]
ولآمرنهم فليبتكن آذان الأنعام ولآمرنهم فليغيرن خلق الله [ .
وجه
الدلالة : أن هذه الآية دلت على تحريم
عمليات التغيير في الخلق . والاستنساخ لا يمكن إحداثه إلا من خلال التغيير واللعب
في الأطقم الوراثية ، فهو تغيير لخلق الله([58])
.
أن
النسب هو إحدى الضروريات الخمس الموصى بصيانتها في الشريعة الإسلامية ، وهو أحد
الضوابط الجوهرية التي تعصم من اقتحام المخاطر غير المحصورة ، والإقدام على تطبيق
الاستنساخ في الإنسان لا ينفك عن الوقوع في
تجهيل الأنساب وانقطاع التناسل الذي ناط الله به القرابة بأنواعها . وقد
تناول الحظر صورا عديدة تؤدي لجهالة النسب أو لإدخال التنازع فيه ([59]).
5-
خطورة النظر إلى الإنسان كأنه مما يتخذ للتكاثر فيه بما يشبه التمول كأنه من السلع
الخاضعة للتنمية وما تقتضيه مراعاة مبادئ تكريم البشر الذين سخر الله لهم الكون من
أن يكونوا محلا للتصرفات المهيمنة .. على ما هو حاصل في الاستنساخ البشري ([60]).
6-
هناك الأضرار المتوقعة من هذه العملية ، وهي كالتالية :
- يستلزم اختلاط
الأنساب .
- التقاء المياه
الأجنبية .
- إنه تدخل في خلق
الله .
- إنه يؤدي إلى
الاستغناء عن الزواج .
- استلزامه لإماتة
اللقائح ، وهي مشروعات إنسانية جاهزة .
- احتمال تهديم
المجتمعات وتجريد الإنسان من إنسانيته .
- إن استمرار البشرية
يعتمد على التنوع الجنيني ، وهذا التنوع يفني من خلال هذا الأسلوب .
- إنه يشجع عملية
الإجهاض.
وجهات نظر القائلين بالجواز والمؤيدين
لهذا الموضوع :
1-
عدم توفر ما يمنع من القيام بهذه العملية من الأدلة الشرعية .
2-
إن آدم وحواء وعيسى – عليهم السلام – قد خلقوا بطريقة مخالفة للأسلوب المعروف في
التناسل . وهذا يؤيد نظرية الاستنساخ البشري من حيث وجود المخلوق بدون اتصال جنسي
، ومن حيث إلغاء دور الذكر في عملية تلقيح البويضة ، وغير ذلك مما يمكن أن يجعل
ذريعة لتسويغ تجارب الاستنساخ على بني الإنسان ([61]).
2-
إن الخلية هي من صنع الله ، وما قمنا به هو مجرد نقل نواة من خلية شخص إلى بيضة
أنثى ، وبأمر الله انقسمت ونَمَت ، وكلها من صنع الله ، وهذا ليس تطاولا على الله
كما يدعي البعض .
2-
الآثار الإيجابية الكبرى التي يتوقع حصولها والآفاق العلمية التي ستنفتح أمام
الإنسان ، وهم بهذا الصدد يذكرون أمورا كثيرة : منها :
أ-
المعلومات الضخمة التي سيكسبها العلماء في مجال تمايز الخلايا ، ومعرفة جذور أمراض
السرطان ، والآثار السلبية الوراثية ، وعوامل المناعة ، وأسباب الإجهاض ، ووسائل
منع الحمل ، وأمثال ذلك .
ب-
الآثار التي سيتركها هذا الموضوع في مجال منح الأطفال للأزواج المبتلين بالعقم .
ج-
أنه سيساعد بشكل كبير في التحكم بسلامة الجيل الآتي وتحسين حياته .
د-
أنه سيساهم في مسألة الاستفادة من الخصائص المتميزة للأفراد وتكثيرها .
هـ-
أنه سيساعد في إنجاح الدراسات بعد إجرائها على أناس متطابقين ، وذلك للتأكد من
سلامة النتائج .
3-
أن الاستنساخ عملية طبيعية ، قد تحدث بشكل طبيعي عند بعض الحيوانات .
4-
أن العلم ملك للجميع ، ولا يمكن إيقاف بحوثه وحرمان البشرية من نتائجه ([62]).
الراجح : حكم الاستنساخ البشري
: المنع والتحريم والحظر . وهو يعتبر كبيرة عظمى ، وجناية في حق الحياة ، وضربا
مهما من ضروب الإفساد في الأرض وإهلاك الحرث والنسل .
والتحريم هنا يشمل جميع طرق الاستنساخ البشري المعروفة في
الوقت الحاضر ، أو التي قد تُعرف في المستقبل ، والتي تهدف إلى التكاثر البشري
باعتماد أسلوب مخالف للطريقة الشرعية في التناسل والتوالد ، والمتمثلة في اجتماع
البويضة بالحيوان المنوي عبر الاتصال الجنسي المباشر بين الزوجين.
وذلك ؛ لأن الاستنساخ البشري : منافاة جوهر العقدية الإسلامية
، ومعارضته للأدلة الشرعية من الكتاب والسنة والإجماع ، ومصادمته للعرف الصحيح ،
والمعقول ، وتفويت الاستنساخ لمقاصد الشريعة ، ولمقاصد الأمومة والأبوة والبنوة
ولمقصد حفظ النسب والعرض ، وإخلاله لمقصد حفظ الأمن وقمع الجناة ، وإهداره لخاصية
التنوع والاختلاف ، وإخلاله لمقصد الاستخلاف ([63]).
وقد أصدر مجمع الفقه الإسلامي بجدة القرار التالي : « تحريم
الاستنساخ البشري بطريقتيه المذكورتين أو بأي طريقة أخرى تؤدي إلى التكاثر البشري
» " ([64]).
([13])
صحيفة الدستور 14/5/1997 عن طريق الاستنساخ والإسلام لمعين الدين ص/74 ،
ومجلة المجمع الفقه الإسلامي 10/3/198 .
([14]) الاستنساخ بين العلم
والدين د. عبد الهادي مصباح ص/25 ، 44 ، 45 ، الاستنساخ د. نور الدين الخادمي
ص/24.
([19]) هو علي بن أبي الحزم
القرشي الدمشقي المصري الشافعي ( ت 687 هـ ) . كان إماما في الطب ، كما نبغ في
الفقه والأصول والنحو والبيان والحديث والسيرة النبوية والمنطق وغير ذلك . من
تصانيفه : الشامل في الطب ، وشرح فصول أبقراط في الطب ، وبغية الفطن من علم البدن
، وشرح تقدمه المعرفة في الطب البقراط ، وشرح التنبيه للشيرازي في فروع الفقه
الشافعي وغيرها . ( معجم المؤلفين 2/419 ) .
([23]) هو : محمد بن محمد بن
أوزلغ بن طرخان الفارابي ( ت 339 هـ ) ، ويلقب بالمعلم الثاني ( أبو نصر ) : حكيم
، رياضي ، طبيب ، عارف باللغة التركية والفارسية واليونانية والسريانية . ومن
مؤلفاته : أراء أهل المدينة الفاضلة ، والمدخل إلي علم المنطق ، وتحصيل السعادة .
( معجم المؤلفين 3/628 ).
([24]) هو : عبد الرحمن بن أحمد
بن محمد الشيرازي ( ت 898 هـ ) المشهور بالجامي ( نور الدين ، أبو البركات ) عالم
مشارك في العلوم العقلية والنقلية . من مصنفاته : تفسير القرآن العظيم ، شرح
الكافية لابن الحاجب ، تاريخ هراة ، وشرح النقابة مختصر الوقاية في الفقه الحنفي
وغيرها . ( معجم المؤلفين 2/77 ) .
([26]) الفقه المالكي وأدلته
لابن طاهر الحبيب 2/11 ، حاشية الدسوقي لأحمد الدردير 1/432 ، 433 ، بلغة السالك
لأحمد الصاوي 1/206 .
([32]) انظر : « نظرة في
الاستنساخ وحكمه الشرعي » آية الله محمد علي التسخيري ضمن مجلة المجمع 10/3/218
وما بعدها ، والاستنساخ البشري بين الإقدام والإجحاف د. أحمد رجائي الجندي ضمن
مجلة المجمع 10/3/ 248 وما بعدها .
([34]) بحث : « أساليب
دكتاتوريه البولوجيا في الميزان الشرعي » د. أحمد شرف الدين ( ندوة الإنجاب )
ص/137،138.
([35]) بحث : « أساليب
دكتاتوريه البولوجيا في الميزان الشرعي » د. أحمد شرف الدين ( ندوة الإنجاب )
ص/143 ، وبحث : « مدى شرعية التحكم في معطيات الوراثة » د. عبد الستار أبو غدة (
ندوة الإنجاب ) ص/157 .
([36]) بحث « أساليب دكتاتوريه
البولوجيا في الميزان الشرعي » د. أحمد شرف الدين ( ندوة الإنجاب ) ص/143 .
([37]) انظر : « نظرة في
الاستنساخ وحكمه الشرعي » آية الله محمد علي التسخيري ضمن مجلة المجمع 10/3/226 .
([40])
« الاستنساخ بين العلم والشرع وبين المصلحة والمفسدة » د. الطيب سلامة ص/34
عن طريق المسائل الطبية المستجدة 1/246 .
([49])
باستثناء قلة قليلة من الشواذ الذين لا يعتد بخلافهم ولا يلتفت إلا شذوذهم
. ( الاستنساخ د. نور الدين الخادمي ص/24 ).
([54]) « نظرة في الاستنساخ
وحكمه الشرعي » آية الله محمد علي التسخيري ضمن مجلة المجمع 10/3/221 ، مناقشة
الشيخ محمد تقي الدين العثماني في مجلس المجمع 10/3/368 .
([57]) انظر : بحث : « أساليب
دكتاتورية البيولوجيا في الميزان الشرعي » د. أحمد شرف الدين ( ندوة الإنجاب )
ص/140.
0 Komentar